تفاصيل الخبر
السفير شريف عيسى مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية لـــــ " الأخبار ":
التاريخ : 4 / 8 / 2022
شمس مصر تعاود الإشراق بالقارة السمراء - السيسى يولي أهمية كبرى لأفريقيا .. والأشقاء يتطلعون لنقل تجربة مصر التنموية


 نجحت مصر منذ عام 2014، فى العودة وبقوة إلى قلب أفريقيا بعد غياب لنحو ثلاثة عقود، واستطاعت استعادة دورها الريادى ومكانتها، كما أصبح لها حضوراً نشطاً وفعالاً على مستوى القارة، وكذا دوراً فاعلاً قوياً فى القضايا الأفريقية كافة. فضلا عن فرص التعاون المشترك وعمليات التنمية القائمة حالياً مع كل الدول الشقيقة من أجل تحقيق تنمية مستدامة حقيقية تعمل على توفير حياة لائقة لشعوبها. كل هذا جاء نتيجة جهود جبارة بذلتها مصر طوال السنوات الماضية، منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم، والذى أولى أهمية كبيرة لملف العلاقات المصرية الإفريقية كأحد أهم دوائر السياسة الخارجية المصرية، وأعطى توجيهاته لكل مؤسسات الدولة بالعمل على تطوير وتنمية هذا الملف وبدعم منه. وهو ما يؤكد ويرسخ هوية وانتماء مصر الأفريقي.. السفير شريف عيسى مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية، أكد فى حواره مع " الأخبار" أن مصر تلعب دورا كبيراً فى دعم عمليات التنمية فى الدول الإفريقية الشقيقة على كل المستويات وفى مختلف المجالات. وأضاف أنه فى ظل زيادة حجم التحديات والأزمات التى تواجهها القارة وسط الظروف التى يمر بها العالم حاليا، تمتلك مصر "المفتاح " فى التعامل مع تلك الأزمات، حيث تستطيع فك الكثير من الألغاز فى هذه القارة بخبراتها، لكونها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأفريقيا تاريخياً وجغرافياً.. وإلى نص الحوار: 

كيف ترى العلاقات المصرية الافريقية فى الوقت الحالى؟ 

  العلاقات المصرية الأفريقية من أهم ملفات السياسة الخارجية المصرية، وهو يأتى بلاشك على رأس أولويات الدولة المصرية، باعتبارها الجوار المباشر وغير المباشر لمصر ولاعتبارات التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة لمصر، وكلها اعتبارات مهمة جداَ بلا شك، ولهذه الأسباب مصر مرتبطة ارتباط وثيق بأفريقيا. 

عندما نتعامل مع أفريقيا، فإننا ننظر إلى قارة بها فرص كبيرة للتواجد المصرى، وأن التركيز على مشروعاتنا فيها الهدف منه إرسال رسائل إلى الدول الأفريقية الشقيقة، بأن مصر تقف الي جانبها من اجل تحقيق الاستقرار والتنمية فمصر ليست ضد التنمية بها، بل على العكس كانت دائمة داعمة للتنمية. وإذا كانت فترة أواخر الخمسينيات والستينيات قد شهدت ظهور قيادات التحرير فى أفريقيا الساعية التخلص من الاستعمار والحصول على استقلالها؛ كانت مصر تلعب دوراً رائداً فى هذه المرحلة من خلال دعم حركات التحرر، والكثير من الدول الأفريقية الشقيقة تدين بتحررها إلى مصر، والدليل أن هناك الكثير من شوارعها تحمل اسم مصر او القاهرة او اسم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.  

 وعندما تغيرت الأمور فى القارة الافريقية بعد تحرر دولها وتبدلت قيادات التحرير الى قيادات التنمية، كانت على مصر أن تلعب دور حيوى فى هذا الشأن، ولكن نتيجة لظروف مررنا بها خلال فترات السبعينيات والثمانينيات وصولا للتسعينيات وأوائل الألفية الجديدة؛ وهى مراحل كانت مصر في فترة منها تحارب لاستعادة أرض سيناء المحتلة ، ولما كان لها من تداعيات اقتصادية كبيرة واجهتها مصر إلى أن تغلبت علىها.وما لبثت مصر فى العودة مرة أخرى بأن تلعب دورها فى دعم عمليات التنمية فى هذه الدول الشقيقة، حتى وقعت بعض الاحداث السياسية التى أدت إلى نوع إعادة الحسابات مع أفريقيا فى كثير من ملفاتها. 

-  وكيف ترى العلاقات مع أفريقيا منذ تولى الرئيس السيسى الحكم ؟

   منذ اليوم الأول لتولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مسئولية حكم البلاد وقد أولى لأفريقيا أهمية كبرى، وكان هذا توجيهاً رئاسياً لكل مؤسسات الدولة بالعمل على تنمية العلاقات المصرية الأفريقية. حيث أستطاعت مصر انطلاقاً من مشاركة الرئيس فى قمة مالابو العودة مرة أخرى إلى الاتحاد الأفريقى بعد تجميد عضويتها.  نحن دائماً نقول أن أفريقيا عادت إلى مصر، وليس العكس، لأن مصر بالفعل هى مؤسسة هذا الاتحاد، كما أنها من الدول التى كانت لها الفضل فى انشاء هذا التجمع الأفريقى الشامل القارى. وبالتالى بعد عودتنا للعضوية الكاملة فى الاتحاد الأفريقى لم تنقطع زيارات الرئيس السيسى إلى الدول الأفريقية. وحرص فى المشاركة فى جميع القمم الأفريقية، إلا انه لم يمنع استمرار تلك الزيارات فى الفترة الأخيرة سوى جائحة كورونا التى أثرت على حركاتنا الخارجية؟ وأؤكد هنا أن الرئيس السيسى قام بزيارات لدول أفريقية لم يسبق لرئيس مصرى زياراتها من قبل. منها على سبيل المثال، زيارته لجيبوتى فى مايو من العام الماضى، وقد جاءت هذه الزيارة فى أعقاب فوز الرئيس عمر جيلة فى انتخابات الرئاسة، ليكون الرئيس السيسى أول المتقدمين للتهنئة للرئيس الجيبوتى، وكذلك أول زيارات الرئيس عمر جيلة إلى خارج جيبوتى بعد فوزه بمنصب الرئيس مجدداً كانت إلى مصر، وهذه لمحة مهمة جداً.  

  اللمحة الثانية الهامة أيضا ويتوجب الوقوف عندها، هى حرص الرؤساء الأفارقة الذين يتولون رئاسة الاتحاد الأفريقى، على أن تكون مصر هى الوجة الأولى فى زياراتهم قبل تولى رئاسة الاتحاد. ففى عام 2020 تولت جنوب أفريقيا رئاسة الاتحاد، وقد حرص الرئيس رامافوزا حرصا شديداً على أن تكون مصر من أوائل الدول التى يزورها قبل تولى رئاسة الاتحاد، وتلك الزيارة جاءت تأكيداً على أن الرئيس رامافوزا  كان راغباً فى أن يستفيد من خبرة مصر لرئاسة هذا التجمع القارى الهام. أيضا حرص رئيس الكونغو الديموقراطية فيليكس تشيسكيدي على زيارة مصر قبل تولى رئاسة الاتحاد عام 2021، ثم الرئيس السنغالى ماكي سال وهو زعيم كبير فى القارة الإفريقية  قد حرص أيضا على زيارة القاهرة قبل تولى رئاسة الاتحاد. تُعد الزيارات واللقاءات رسائل لتؤكد أن مصر لديها من الخبرات والقدرات فى ادارة ملفات هذا التجمع القارى الهام تسعى الدول الافريقية إلى الاستفادة منها، من خلال نقل الرئيس عبد الفتاح السيسى خبرته إلى هؤلاء الرؤساء فى هذا الشأن. 

   كل ذلك ليس وليد الصدفة، إنما هو نتاج جهود بذلتها مصر على مدى سنوات ماضية، لتبنى هذه الثقة لدى الدول الافريقية، لتكون حاضنة لهذه القيادات قبل توليها رئاسة الاتحاد. وهى رسالة مهمة جدا يجب على الجميع إدراكها،هى ان مصر دولة رائدة فى القارة الافريقية، واذا كنا نسعى لأن يكون لنا دور فى تنمية هذه القارة، فمن المؤكد أن البعد السياسى فى التعامل مع أزمات القارة مفتاحها لدى مصر، ونستطيع أن نساعد الأشقاء الأفارقة فى فك الكثير جداً من الألغاز بهذه القارة من خلال خبراتنا فى التعامل مع القضايا الأفريقية خاصة مع زيادة التحديات. 

هل تشرح لى ماهى الملفات التى تمتلك مصر مفتاحها وتستطيع بخبراتها وقدراتها فى التعامل معها؟ 

  هناك العديد من الملفات، منها السياسية والاقتصادية والأمنية، وشهدت الأوضاع السياسية فى عدد من دول القارة الأفريقية خلال الفترة السابقة، لاسيما العاميين الماضيين، مايسمى بـ"الحركات العسكرية" أدت إلى قلب نظام الحكم، ليس بعيد منها دولة غينيا كوناكرى، ومالى، وبوركينا فاسو. إذن الحراك على الساحة السياسية فى أفريقيا هو حراك عنيف، ويسعى إلى تغيير نمط موجود فى القارة، تحتاج إلى تغييره إلى نمط أخر من الحكم يساعد فى التنمية. مصر وهى تواجه هذه التغييرات فى القارة لديها الكثير جداً من الحكمة فى التعامل مع هذا الأمر، ومن أدل هذه الأمثلة ماحدث فى دولة تشاد، بعد اغتيال رئيسها أدريس ديبى وتولى نجله محمد ديبى زمام الحكم. هذا الوضع لا أصنفه كحركة تغيير داخلى، ولكن وقع نتيجة تحركات قام الرئيس إدريس ديبى لمواجهة الجماعات الإرهابية التى تسللت إلى بلاده قادمة من ليبيا وتعاونت من الجماعات المسلحة الموجودة فى تشاد، أدت إلى إغتياله. وقد سعت مصر إلى تحقيق الاستقرار بتشاد بكل ماتمتلك من قوة ودعم النظام فيها ومنع هذه الجماعات من تحقيق أهدافها " الدنيئة".، حتى لا تُفقد السيطرة على هذه الدولة المحورية فى وسط أفريقيا. ونحن نشجع الاَن الحوار السياسى الداخلى ما بين الفصائل المختلفة للوصول إلى توافقات يتم من خلالها تهدئة الأوضاع بها. حيث زار رئيس المجلس الانتقالى فى تشاد مصر، ونجد من التعاون الكثير جدا مع تشاد. 

   ماتتطلع إليه مصر مع  هذه الدول التى شهدت انقلابات فى نظام الحكم، هو تحقيق الإستقرار بها والعودة إلى النظام الدستورى بها فى أسرع وقت ممكن. بحيث تكون تلك الدول نفسها ساعية الى تحقيق الاستقرار بهدف الوصول الى التنمية التى تسعى لها والتى تعد الدافع  من وراء هذا التغير الذى تشهده. وتحرص مصر ألا تكون العقوبات المفروضة مؤثرة على شعوب هذه الدول، كونها لا تحقق الهدف منها، وليس دائما العقوبات هى الحل الأمثل، لكن قد يكون فتح الحوار السياسي الداخلى هو الحل الأمثل. 

 - وماذا عن قضايا الارهاب والتطرف فى القارة السمراء؟ 

   ملف الإرهاب والتطرف فى أفريقيا، هو ملف فى غاية الأهمية وخطير جداً. ومصر تنظر إلى الحركات الإرهابية الموجودة ليس فقط فى القارة الأفريقية لكن فى محيطنا كله، بأنها مهددة بشكل جدى وخطير للاستقرارها بشكل خاص وأفريقيا بشكل عام. فعندما ننظر إلى الخريطة الأفريقية حالياً، نجد فى شرق القارة جماعة الشباب موجودة فى دولة الصومال، وفى وسط وغرب افريقيا نجد أيضا الكثير من مجموعات الارهاب على رأسهم جماعة بوكو حرام، وإذا نظرنا إلى جنوب القارة نجد جماعة الشباب الموزنبيقية موجودة هناك. وإذا اختلفت الإيديولوجيات ما بين هذه الجماعات، إلا أن الجامع بينهاهو فكر الجهاد والتطرف، حيث تسعى إلى استغلال الأوضاع الاقتصادية فى هذه الدول لاجتذاب الكثير من العملاء وزعزعة الاستقرار بها، وبالتالى إقامة النظم الإرهابية التى ينشدونها. 





العودة الى الأخبار